الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي سخر لنا ما في السموات وما في الأرض نعمة منه وفضلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله اصطفاه واجتباه، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد في الأولين والآخرين، وفي كل وقت وحين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله بتقوى الله والعمل بما جاء في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)
أيها المسلمون: خلق الله تعالى الإنسان وجعله خليفة في الأرض، وسخر له المخلوقات، فقال عز من قائل
الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار)
وطلب الله تعالى من الإنسان أن يعمر ولا يدمر، ويبني ولا يهدم، ويزرع ولا يقطع كما قال سبحانه على لسان نبيه صالح عليه السلام
هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) أي طلب منكم إعمارها والمحافظة على ما فيها من مقدرات وحسن استثمار ما أودعه الله فيها من خيرات.
عباد الله: إننا مأمورون بحسن التعامل مع الكون والبيئة التي نعيش في محيطها بما فيها من أرض وفضاء، ونبات وهواء، وبحار وأنهار، وزروع وأشجار، وحيوانات وطيور، ومن ذلك : المحافظة على الماء إذ جعله الله تعالى سببا للحياة فقال سبحانه
وجعلنا من الماء كل شيء حي )
وكان النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في المحافظة على الماء، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع. والمد ملء الكفين المتوسطتين، والصاع أربعة أمداد.
فلنحافظ على الماء لأنه ثروة لا تقدر بثمن، وتبذل الدولة جهودا عظيمة لتوفير المياه، فينبغي علينا تقدير هذه المجهودات وشكر هذه النعمة بعدم الإسراف في استخدامها وتضييعها هدرا.
ومن حسن التعامل مع الكون والبيئة المحافظة على النظافة ومكافحة التلوث، وقد أمرنا بنظافة البيوت وساحاتها ومرافقها، يقول صلى الله عليه وسلم :« إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم»
كما أن نظافة الطرقات من شعب الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم :« الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».
أيها المؤمنون: ومن العناية بالكون والبيئة الحث على الزراعة، وجعلها من أبواب الصدقات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة».
ومن ذلك المحافظة على الثروة الزراعية، قال صلى الله عليه وسلم :« من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر وما أكلت العافية منها فهو له صدقة» والعافية : هي كل من يطلب الرزق من إنسان أو بهيمة أو طائر.
وأعطي لولي الأمر الحق في توزيع الأراضي لمن يحييها ويزرعها، وقد أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا يحتذى به في إعمار البيئة وحمايتها والمحافظة عليها، فغرست الملايين من أشجار النخيل والتي وصلت إلى اثنتين وأربعين مليون نخلة من مختلف الأصناف، وبهذا أصبحت الإمارات تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم في عدد أشجار النخيل.
ومن العناية بالكون والبيئة المحافظة على الثروة الحيوانية، فأمرنا بالرفق بالحيوانات ونهينا عن تعذيبها، قال صلى الله عليه وسلم :« عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض». فالرفق بالحيوان مطلب شرعي ومظهر حضاري.
فعلينا أيها المسلمون أن نحسن التعامل مع الكون والبيئة، ونغرس في نفوس أبنائنا مراعاة السلوكيات العامة والمحافظة على نظافة الطرقات والحدائق والشواطئ والمرافق العامة.
اللهم وفقنا لطاعتك وطاعة من أمرتنا بطاعته امتثالا لقولك
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن النجاح درجات والفوز مستويات، وقد ربط الإسلام الفوز بالتميز والإبداع في مواضع ومناسبات متعددة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» فعلى طلابنا الأعزاء في مثل هذه الأيام التي يتهيأون فيها لأداء الامتحانات أن يستثمروا وقتهم الثمين، وأن ينظموه على النحو الذي يكفل لهم تحقيق أفضل النتائج، وقد بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :« إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ». وعلى الآباء والأمهات أن يحفزوا أبناءهم لاسترجاع ما حصلوه خلال العام الدراسي، ويهيئوا لهم الجو الأسري المناسب، ويشملوهم بالرعاية والاهتمام والتشجيع.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:« من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا» اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك مما سألك منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك مما تعوذ منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم أنزلهم منزلا مباركا، وأفض عليهم من رحماتك وبركاتك، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة بن زايد ونائبه لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات وولي عهده الأمين، اللهم اغفر لكل من وقف لك وقفا يعود نفعه على عبادك، اللهم بارك في مال كل من زكى وزده من فضلك العظيم، اللهم إنا نسألك المغفرة والثواب لمن بنى هذا المسجد ولوالديه، ولكل من عمل فيه صالحا وإحسانا، واغفر اللهم لكل من بنى لك مسجدا يذكر فيه اسمك ولو كان كمفحص قطاة، اللهم أدم على دولة الإمارات الأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين.
عباد الله
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)
اذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).